منتدي قبيله الحمري الاشراف - الفيوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كهف الشهداء وملحمة خالدة من البطولة والفداء

اذهب الى الأسفل

كهف الشهداء  وملحمة خالدة من البطولة والفداء Empty كهف الشهداء وملحمة خالدة من البطولة والفداء

مُساهمة  Admin السبت مارس 27, 2010 8:43 pm

الخيانة والعمالة لا يُستثنى منها شعب على وجه الأرض أو عشيرة أو قبيلة أو أسرة أو أفراد .. فكم من قبيلة أو أفراد التصقت بهم هذه الصفة وفى النهاية برّأهم التاريخ منها.. وثبت أنهم كانوا يعملون من أجل أوطانهم وشعوبهم وكم من أبطال ذكروا فى التاريخ قديماً وحديثاً ثم أشرقت الشمس على تاريخهم المشين فظهرت حقيقتهم بأنهم عملاء وخونة ومأجورين ولنا فى عبارة سيدى شيخ الشهداء / عمر المختار المنفى عبرة عندما كان يجادله بعض رجاله الأفذاذ فى أن فلانا خائن وأن هذا عميل وذاك مشبوه كان يقول لهم بلهجتنا المحلية السلسة ( يا أولادى يا من إللى معانا وهو امعاهم ويا من إللى إمعاهم وهو إمعانا) وبهذا يعطى رفاقه فرصة التفكير والتأكد والمتابعة حتى لا يقعوا فى الخطأ والحكم المسبق لكى لا يظلم أحد بمجرد الإحساس أو الأخذ بالشبهات ، لقد كان هذا الشيخ مؤمناً بالله ومحباً لرسوله وصاحب قلب كبير امتلأ بالإيمان وليس فيه ذرة حقد ولا كراهية لأحد من أبناء وطنه سوى كُرهه للعدو الغاصب لأرضه ..

الساحة التى أعدم فيها شهداء وادى بالضحاك
هذه الملحمة التى أسردها عليكم ليست من صنع الخيال بل هى حقيقة وقعت أحداثها فى سنة 1927 م وكنت قد كتبت عنها مقالة تحت عنوان (مذبحة وادى بالضحاك وشهداء الوطن هنا وهناك) هذه المذبحة تعرض لها (نجع الحمر) فى وادى بالضحاك جنوب شرق مدينة درنه الأمر الذى جعلنى أكتب عنها مرة أخرى ، هى الوثيقة التى كتبها الأخ / امساعد إبريك الحمرى أحد أبناء قبيلة (الحمرى) بالمنطقة الشرقية حيث جاء فيها

بتاريخ اليوم 17/3/2000 م وعلى تمام الساعة التاسعة مساءً بينما كنت بمنزلى الكائن بحى الناظورة بمدينة طبرق حضر إلى كل من :
الزبير محمد محمود خالد ويرافقه محمود السنوسى خالد وعبدالله محمد عبدالغنى وكنا على موعد سابق لاستكمال المعلومات عن عائلة الحمر وعن الجهاد والمجاهدين وعن قصة المجاهد الكبير المتطوع فى سبيل الله للجهاد ضد الغازى الإيطالي فى مطلع العام 1911 م وهو المجاهد (حسن السيد أبوعجوة) ذلك المجاهد العربي القومي الذى لقب بالطبجى إشارة إلى عمله المدفعى أثناء الجهاد واستكمال قصيدة شهداء وادى بالضحاك وما سمعته من شهود عيان عن تلك القصيدة وعن قصة ما دار من حوار حول مفاوضات الصلح بين المجاهدين الليبيين والضباط الإيطاليين وما تم تسميته (بصلح الدقيق) وغيرها من المعلومات التى سمعتها عن كبار السن حيث سألني الأخ / الزبير محمد محمود قائلاً : ماذا تعرف عن قصة استشهاد حمزة حمد الحمرى ورفاقه بوادى بالضحاك .
أجبته بالآتي : هذه القصيدة سمعتها من شهود عيان مرتين : المرة الأولى عندما كنت أبحث عن عمل فى عام 1962م بمدينة البيضاء وكنت مقيم بها وأسكن بمنزل إبن عمى أحمد باسل الحمرى حيث تقدمت بطلب الحصول على عمل فى وزارة العدل آنذاك وقد استلم الطلب منى موظف وقدمه إلى وكيل الوزارة أو مساعد وكيل الوزارة على ما أعتقد كان يسمى / عبدالجواد الفريطيس من عائلة الفريطيس بدرنه .

وعندما وجد اسم مقدم الطلب مكتوب بلقب الحمرى طلبنى مباشرة وسألني بأنني حمرى الأصل أو اللقب فقط ، فأجبته أنى من قبيلة الحمر فقال لى ماذا تعرف عن حمزة الحمرى ؟ وما هى ذريته ؟ فقلت له الشيخ حمزة شهيد ضمن 16 شهيدا بوادى بالضحاك جنوب درنه وخلفته إبنائه موسى وسليمان وسليمان متوفى وترك ولدين (عبدالحميد وإبراهيم) وباقى خلفته بنات .. فرد على عبدالجواد الفريطيس بقوله صدقت يا حمرى الشهادة من الدين بأنى ساعة إعدام الشهداء بوادى بالضحاك كنت حاضراً وقتها شاباً صغيراً وأتكلم الإيطالية بطلاقة فأحضروني مترجماً لمشكلة نجع الحمر والعلالقة الذين تتهمهم الحكومة الإيطالية بتزويد المجاهدين بالمؤن والملابس والأسلحة والذخائر.
فقلت له كيف ذلك ؟؟

:: فى ذلك الوقت صدر أمر من الحكومة الإيطالية لتجميع الأهالي بأماكن معروفة ، لتسهيل مهمة مراقبتهم وتحضيرهم أو تجهيزهم تقريباً لتجميع كافة الأهالى (بالبريقة والعقيلة) فيما بعد .. (وهى معتقلات الإبادة الجماعية .. الكاتب ) وبالفعل صدر أمر لنجع الحمر والعلالقة بالانتقال من المقر والطنجى (وادى بالضحاك) إلى بقية النواجع (المريتيبة) التى تقع جنوب درنه ولكن نجع الحمر والعلالقة لم ينتقلوا لعدم حضور رعاة الإبل ، فقد كان الإيطاليون والجواسيس وأتباعهم ومخبريهم يقومون بجولات مراقبة على النواجع فأبلغوا عن وجود مجاهدين بنجع الحمر والعلالقة ، فخرجت من درنه دورية بعدد 10 سيارات محملة بالجنود والعتاد لتباغت النواجع فى منتصف النهار وكنت أنا بتلك القافلة مترجماً ، وحوصرت مخيمات نجع الحمر والعلالقة ما عدا نجع الشيخ حمزه حمد الحمرى الذى كان يبعد مسافة من النجع وأخرج الرجال أمام النجعين أما النساء والأطفال إلى عقر سيدى غريب وقام الجنود بحرق النجعين بالنيران بما فيها من فرش ومؤن وحيوانات وفى تلك الأثناء حضر الشيخ حمزه مدافعاً عن النجعين لعل الحاكم الإيطالى يتركهم فقال لى الإيطالى .. قل له أنت لست مقصوداً فأذهب إلى نجعك ، فرد عليه قائلاً : لن أذهب إلا بهؤلاء أو أموت معهم ، فقال له الإيطالى هؤلاء محكومين بالإعدام لتعاونهم مع المجاهدين الذين قاموا هذا الصباح فى وادى بالضحاك وقتلوا منا جندياً إيطالياً ووجدنا أحدهم بنجع العلالقة والموجود أمامك وهو جاب الله بوكليزه هذا وأشار بيده على جاب ألله بوكليزة ، فجادله الشيخ حمزه مجادلة حادة وأقسم أن لا يخرج من وسط الحلقة إما بهم جميعاً أو يموت معهم ، وهنا أشار الإيطالي قائلاً لجنوده استعدوا وبالفعل تجهز الجنود وضع الاستعداد لإطلاق النار على الجميع وفى لحظة هرب من بينهم الشهيد / عبدالعالى التاعب وآخر كذلك فأطلق الجنود النار فأردوا التاعب قتيلاً والعوكلى أصيب فى رجله ونزل الوادى وفى هذه الأثناء أمر الإيطالي باستمرار إطلاق النار على الجميع فسقطوا جميعاً جثث هامدة ومن بينهم الشيخ حمزه وعند ذلك انسحب الجنود وذهبنا إلى درنه وعلمنا أن الذين استشهدوا عددهم (16) شهيداً وهذا يا ابنى ما حدث أمامي فى تلك الحين وهذا ما حدثنى به المدعو / عبدالجواد الفريطيس بالتفصيل ويعتبر أول رواية عن شهداء بالضحاك من شاهد عيان.
أما الرواية الثانية سمعتها من الحاج / عبدالله جاب الله بوكليزه فى حياته قبل مماته عام 1972 م بمنزل عبدالقادر سميع الكيلانى أثناء مأدبة غدا قد أعدها صاحب المنزل وتقابلت مع الحاج عبدالله جاب الله وحدثنى عن قصة شهداء وادى بالضحاك كالآتي :

عبدالله جاب الله بوكليزه العليقى ، عندما كنت صغير السن يتراوح عمرى بين 12 أو 13 سنة تقريباً ووالدى المرحوم جاب الله بوكليزه مجاهداً مع المجاهدين حضر لنا والدى عندما كنا نقيم بنواجعنا بوادى بالضحاك ومعه المجاهد حمد بوربيده الحمرى والمجاهد مفتاح بوشاح البرعصى ومجيد بوكسوله الحاسى وآخرون لا أذكر أسمائهم وقمنا بالواجب تحت خوفنا من مخبرى السلطة الإيطالية وبعد العشاء ذهب المجاهدون إلى الوادى وبقى منهم والدى بالبيت وحصانه مربوط داخل البيت وكان ذلك عام 1927م تقريباً وإذا بمخبرى السلطة يقوموم بإبلاغ الإيطاليين بأن نجع الحمر والعلالقة لم يمتثلوا للأوامر بالرحيل إلى غوط المريتيبة جنوب مرتوبه كغيرهم من النواجع وأنهم يقومون بمساعدتهم وتعاونهم مع المجاهدين بتوفير المؤن والسلاح والذخيرة والملابس مما أدى بالحكومة الإيطالية بشن حملة عسكرية مجهزة على نجع الحمر والعلالقة فى ذلك اليوم وحاصروا النجعين بالسيارات والجنود المسلحين وفتشوا عن البطاقات أي (البرميسو) فى ذلك الوقت فلم يجدوا لوالدى جاب الله (برميسو) لأنه مجاهد وبالفعل تعرفوا عليه من خلال مخبريهم وعرفوا أن النجعين متعاونان مع المجاهدين فأمر القائد الإيطالي بإخراج النساء والأطفال إلى عقر سيدى غريب جوار النجعين بالوادى ووضع حراسة عليهم وأخرج الرجال أمام النجعين وأمر بإحراق النجعين بالكامل بالنار بما فيهن من مواد وأغطية ومواشى مربوطة داخل البيوت وأطلق النار على جملين كانا أمام النجع ولم يطلق النار على الجمل الثالث وفى هذه الأثناء والنقاش مستمر مع الإيطاليين حضر الشيخ حمزه حمد الحمرى مدافعاً عن الرجال متهجماً على فعل الإيطاليين وهو معروف بإقدامه وفطنته وشجاعته فقال له الإيطالي عن طريق المترجم أنت لست مقصوداً ونجعك لم نحاصره وليس لك دخل فى هذا الأمر فقال الشيخ حمزه هؤلاء أهلي وأسرتي لن أتخلى عنهم إما تتركوهم معى أو أموت معهم ،.

وفى هذه الأثناء كان هناك شابان من عمرى يستعدان للفرار من بين السيارات فجهزت نفسى للفرار معهم ولكن فطن لى والدى وقال ماذا أنت فاعل فقلت له أريد أن أهرب مع هؤلاء فمسكنى بيده اليمنى وقال إذا كان عمرك طويل فلا يحدث لك شيئا إلا ما يريد ألله ، وما هى إلا لحظات هرب المدعو / عبدالعالى التاعب وآخر من قبيلة العواكله فأطلق عليهم الإيطاليون النار فقتل التاعب وأصيب العوكلى فى رجله وهرب داخل الوادى ، حين ذلك أمر القائد الإيطالي باستمرار إطلاق النار على الجميع فأخفاني والدى وشدنى إليه وغطانى بطرف الجرد فلم أر شيئاً سوى سماع إطلاق النار وبدأ الإيطالي يتفقد من ما زال حياً ويطلق عليه النار فلم أتحرك إطلاقاً وبعد ذلك سمعت حركة انسحاب السيارات حتى أنى انسحبت من تحت جثة والدى وأخى اللذان كنت واقفاُ بينهما فوجدتهم جثث هامدة وارتبكت فى أول الأمر لحظة فلمحت أحد الناس فى الجهة الشرقية يتحرك فأسرعت إليه وأمسكت بيده فقام واقفاُ وإذا به سليم عدا جرح بسيط فى كتفه يدعى / محمد بوحميد العدلى وكان يرتجف من هول الواقعة وألتفت خلفى فوجدت الشيخ حمزه يتألم مما أصيب به من رشاش الإيطاليين فوقفت عليه فقال لى من أنت وكانت الإصابة فيه من الجهة اليمنى فقلت له أنا عبدالله ولد جاب ألله بوكليزه فقال (هالكلاب ) أثناء كلامى أتى فارسان من المجاهدين وكان واحد منهم المجاهد / حمد بوربيده الحمرى والآخر / المجاهد مفتاح بوشاح البرعصى ونزل بوربيده وسألنى من هذا فقلت له سيدى حمزه فذكر عليه الشهادة وقال له الشيخ حمزه من أنت ؟ فقال أنا حمد بوربيده فقال له يا إبن عمى قبلنى وإسقينى فأحضر مطارة ماء من على حصانه وسقاه فتوفى على الحال وغطاه وركب حصانه مع رفيقه وذهبا دون أن يخاطبونني بشيء ، وفى هذه الأثناء حضرت النسوة والأطفال من الوادى وكان النواح والبكاء وكانت هناك امرأة كبيرة السن لا أذكر من هى من نساء الحمر فهزتنى بشده حتى فطنت وقالت أركب على هذا الجمل واذهب إلى نواجع المريتيبة لإغاثتنا مما نحن فيه وهناك ركبت الجمل ورأيت بعض النسوة والأطفال قد رحلوا مشياً على الأقدام نحو المريتيبة وذهبت راكباً الجمل إلى المريتيبة ووصلت هناك عند غروب الشمس وكانت أول من استقبلني أختى زوجة حمد بوربيده وسألتنى ماذا حدث ؟ فأخبرتها بكل شيء وكانت ليلة مُظلمة وقد تجمّع أعيان النواجع بالمريتيبة من عدة قبائل وقالوا من إللى مات فى تلك الواقعة فقلت لهم والدى جاب ألله بوكليزه وأخى عبد ربه جاب الله (طالب فى الجغبوب) وإبن عبدالله راف الله العليقى وإبن عمى الحسين راف الله كذلك مات من الحمر كل من .
الشيخ حمزه الحمرى وعطيه قطيش الحمرى والمبروك على الحمرى وإبراهيم بالعيد الحمرى وعبدالقادر على الحمرى وكذلك من القبائل الأخرى ، محمد العبس المريمى وعلى عبدالعزيز الغمارى البرعصى وأمبارك غريب السنينى وعبدالعزيز الغمارى البرعصى والكاسح العدلى .
يكون بذلك عدد الشهداء (16) شهيداً وهنا أتفق أعيان النواجع بأن يقوموا بدفنهم ليلة قدومى للنجع ولكن أثناء النقاش اعترض على هذا الإجراء ابن عمنا إزقيم العليقى وقال لا تقوموا بأي إجراء قبل أن نلتقوا غداً صباحاً بمدير منطقة مرتوبة المدعو بن سعود الذى كان مديراً تحت السلطة الإيطالية وبالفعل أمست الناس والنساء تنوح وتبكى حتى الصباح وعند طلوع النهار ذهب إزقيم ومعه بعض الرجال وطلبوا من مدير مرتوبة أن يأذن لهم بدفن الشهداء فرفض على الفور وقال من يقترب منهم يكون مخرب وخارج عن القانون الإيطالي فرجع الحاج إزقيم بخفى حنين واتفق الجميع على أن يقوموا فى الليلة القادمة بدفنهم على أن يذهب لهم من كل قبيلة رجلان لكل شهيد مجهزين بأدوات الحفر والجمال وفعلاً ذهبنا ليلاً وبدأنا الحفر بمكان الواقعة فوجدنا الأرض صخرية فأشار على الجميع المجاهد / عبدالله بو عبدالرازق الحمرى الملقب بالبسطة بأنه يعرف كهف قريب من المكان يمكن دفن الشهداء به وفعلاً اتفق الجميع على الدفن بالكهف وقمنا بفرش أرضية الكهف ببقية الحصران والأغطية ووضع الشهداء داخل الكهف وتمت تغطيتهم بالأغطية وقفل الكهف بالأشجار التى قطعت منه وأسقطت الحجارة والتراب حتى أنه أقفل الكهف تماماً وأصبح إلى يومنا هذا يسمى بكهف الشهداء بأرض عائلة منصور العبيدات وهذه الرواية كما جاءت من قبل المرحوم / عبدالله جاب ألله الذى وافاه الأجل فى النسما وتم دفنه مع شهداء الكهف المذكورين يوم 2/12/1985 م

من المعروف أن السيد/ امساعد إبريك الحمرى من الذين هبوا لنداء الواجب القومى فى حرب فلسطين سنة 1948م ، كيف لا وهو ينتمى إلى عائلة من الأشراف المجاهدين فى سبيل الله ، وهنا أود القول أن الشهداء لا شك أنهم فى عليين وأن العملاء والخونة فى مزبلة التاريخ يلعنهم الأحياء فى الدنيا وفى الآخرة لهم عذاب شديد .
رحم الله شهداء الكهف الذى وقفت أنا شخصياً أمام كهفهم وقرأت عليهم الفاتحة وتجولت فى تلك الساحة التى أستشهد فيها أولئك الأبطال وقمت بترديد تلك الأبيات الشعرية التى نظمها الشاعر الحمرى عن تلك المذبحة البشعة وكم من مذابح قام بها الإيطاليون فى حق أهلنا فى كل مدينة وقرية ونجع من نجوعنا الطاهرة الحبيبة فى ربوع الوطن الغالى .
يقول الشاعر/ جاب الله حمد الحمرى الملقب بوالعقورية إشارة إلى أم أبيه فاطمة العقورية وهى المرأة التى قامت بالزغاريد أثناء إعدام شيخ الشهداء عمر المختار وكان ذلك واضحاً فى (فيلم عمر المختار) ويقول الشاعر فى مطلع قصيدته الشهيرة قصيدة وادى بالضحاك التى اخترت منها هذه الأبيات الخالدة :
إحكى يا وادى بالضحاك إحنا سلنّاك علينا حاجه تجحد راك
إحكيلى يا وادى بالحق على حمزه وأبطال إمعاه
نهاراً فيه الداوى نقّ نهاراً مقلول المنجاه
نهاراً فيه النجع إحرقّ نهاراً ما ننسوا ذكراه
إحكيلى حمزه ويش نطقّ بعد مصباه دون إقرباه
الله دايم راعى لزرقّ إللى عالجار طويل عناه
إللى لا خان ولا فارقّ على ما ليطالى مناه
إستشهد والموت إنها حقّ
غير نشدناك بعد جيناك على ماضى ساير يالاك .

وحفاظاً على الأمانة التاريخية فى نقل المعلومات وسردها كما جاءت ومن خلال ما تم ذكره ونشره فى منشورات مركز دراسات جهاد الليبيين (القيادة والإمداد فى حركة الجهاد الليبى) صفحة 324 /325/326/327/328 رأيت من واجبي الولوج على ما جاء حول هذه المذبحة فى تلك المنشورات كالآتى :
كانت منطقة بالضحاك وما جاورها فى سنة 1917م عامرة بخيام الأهالي حيث توجد نجوع قبائل العلالقة والحمر والمنيف والعواكلة ومريم وغيرهم وكان دورهم كشأن بقية الأهالى فى العديد من المناطق الليبية هو مساعدة المجاهدين وإمدادهم بالذخيرة والمؤن ولما كانت منطقة بالضحاك مشهورة بوفرة المياه مثل عين الطنجى وغيرها فقد كان وجود المجاهدين أمراً حتمته الحاجة إلى المياه إلى جانب تنفيذ المهام الجهادية والقيام بالعمليات الخاطفة ضد العدو الإيطالي عبر منطقة مأمونة يساهم أهلها فى كل معركة حال وقوعها ثم ينسحبون إلى نجوعهم بعد انتهائها وقد حرص المجاهدون من جهتهم حرصاً شديداً على الحفاظ على سرية العلاقة بينهم وبين الأهالى وجعلوا إتصالاتهم محددة بواسطة رجال تميزوا بالحذر والدهاء والشجاعة تم إختيارهم من الطرفين ولكن السلطات الإيطالية الاستعمارية بواسطة شبكة من جواسيسها وأعوانها وبما تملكه من آلة متطورة كانت تعلم بالدور الرئيسى الفعال الذى يلعبه الأهالى فى مساعدة المجاهدين وتحكم الرقابة المشددة عليهم وذات يوم رصدت عيون إيطاليا مجموعة من المجاهدين هم :
1 ــ المجاهد / حويل بوفراج
2 ــ المجاهد / مجيد أبوكسوله الحاسى
3 ــ المجاهد / محمد برقيه الفاخرى
وكان المجاهدون يملكون القدرة فى ذلك اليوم من حيث الموقع والاستعداد لإلحاق الهزيمة بالأعداء القادمين ولكنهم يحرصون على سلامة الأهالي فأثروا الانسحاب السريع والفورى حتى لا تنكل إيطاليا كعادتها بالمسالمين فى النجوع التى تحدث المعارك قربها ، كانت الفرقة الإيطالية تصحب معها بعض الموظفين والأعيان مخفورين بجنود مرتزقة مصوع هؤلاء الموظفون المشائخ هم :
1 ــ المدعو البنانى وهو يشغل منصب مدير
2 ــ الشيخ / أبوعزاق
3 ــ الشيخ / أبوجازية
وكان يقود الفرقة الضابط (روبيلا) الذى قام بجمع الرجال وطلب من المدير البنانى قراءة رسالة المتصرف (دوداشى) عليهم وكانت موجهة إلى الشيخ المجاهد / جاب الله العليقى ونصها كالآتي :
إن العمل الذى تقوم به تحت راية إيطاليا ليس عملاً مرضياً نرجوا منكم الانضمام إلى مشائخ العبيدات فى درنه أو تتجه إلى عمر المختار الذى تُعد أنت من أبرز أعوانه وتكلم الضابط (روبيلا) وكان ملماً باللغة العربية وقال (الكلمات التى قيلت لكم محددة وواضحة وواجبة التنفيذ فوراً والمطلوب منذ هذه اللحظة هو الرحيل إلى المكان الذى حدد لكم فهذه المنطقة أصبحت أرضاً حراماً يقتل فوراً كل من يوجد بها بعد اليوم .
نفذت بعض العائلات الأمر عند سماعه فرحلت تتجه إلى منطقة المريتيبة قرب مرتوبة وهى المنطقة التى أمرت بالرحيل إليها (راجع المصدر الشهيد العدد العاشر 1989 ص 232 ) وبقى فى المنطقة متخلفاً عن القوافل المُرحلة بعض الأفراد منهم الحاج / الشيخ جاب الله جادالله بوكليزه الذى كان لا يقابل الإيطاليين لأنه رفض حمل بطاقتهم المسماة البرميسو .
وكذلك بقى الحاج الشيخ محمد العبس المريمى الذى بقى ليركب فرس الأول عند رحيلهم المقرر فى اليوم الثانى .
كما بقيت بعض العائلات والأفراد المجاورين للنجع الذى تم ترحيله وكان الأمر الصادر هو إخلاء المنطقة بكاملها ، وقد أرادت السلطات الإيطالية الفاشستية إثبات سياستها فى التنكيل والبطش والإرهاب عملياً فى عين المكان فانتهزت فرصة خروج المجاهدين من بيت الحاج الشيخ جاب الله بوكليزه وكذلك واقعة سماع الفرقة لإطلاق رصاصة واحدة ناحية نجع الشيخ بالعيد الحمرى ونظراً لصدور الأوامر بتحريم المنطقة الواقعة فى وادى بالضحاك وضواحيها فقد نفذت السلطة الإيطالية حكم الإعدام فى الشهداء الذين ذكروا سابقاً (والقائمة مطابقة بين ما جاء على لسان إمساعد إبريك الحمرة وما جاء فى منشورات مركز دراسات المجاهدين الليبيين).
عند وصول الخبر إلى أقارب الشهداء بمعتقل المريتيبة الجماعى عم الحزن وأشتد الكرب على الجميع وخاصة عندما وصلهم مجندان إيطاليان يحملن أمراً صارماً من الضابط الفاشستى (روبيلا) بعدم دفن الشهداء أو الاقتراب من منطقتهم ليكونوا عبرة لغيرهم على حد قوله ورغم ذلك غامر المشائخ ::
1 ــ على حميد الجازوى بوشنزق
2 ــ إزقيم جادالله العليقى
3 ــ الشيخ / رافع بوغيطاس
غامروا بالتوجه إلى المدير المكلف بدرنه المدعو بن سعود مطالبين بالإذن بدفن الشهداء فأكد لهم وهو فى أشد حالات التأثر من حصول الواقعة أن الأمر صريح وشديد من قبل الحاكم الإيطالي غير أن الشيخ / على حميد قال إن حصلت عملية دفنهم من غيرنا فلستا مسئولين عن ذلك ففهم المدير ماذا يعنى ورد لقد أمرتكم بعدم دفنهم ولن أحاسبكم إن دفنوا من قبل آخرين ولما رجعوا أرسلوا المدعو ميكائيل مازق الفاسى ليستطلع فركب جملاً هجيناً فى وقت قصير وأخبرهم بوجود سيارة مصفحة قرب الشهداء وفى اليوم الثانى قررت مجموعة من أقارب الشهداء التوجه لدفنهم وكان منهم ::
1 ــ السكورى عبدالقادر
2 ــ حميد عبدالقادر
3 ــ موسى النعاس
4 ــ على التواتى أبوفضيل
5 ــ مجاور مرعى
6 ــ حويل بوفراج
7 ــ سليمان النعاس
8 ــ شعيب عزاق الغيثى
9 ــ عبدالله جاب الله وغيرهم من أقارب الشهداء .
خرجت هذه المجموعة ليلاً فى اليوم السابع عشر من شهر عاشوراء وكانت الأرض التى وقع بها الشهداء صخرية فاقترح الشيخ إشعيب دفنهم قرب النجع واقترح آخر بدفنهم فى مقبرة الهيشة ولكن الشيخ إدريس جا دالله الفاسى إقترح دفنهم فى كهف بمنطقة استشهادهم حيث دفن كل من الشهداء جاب الله بوكليزه وحمزه الحمرى وعبدالعزيز الغمارى وعلى عبدالعزيز فوق الطبقة الوسطى من الكهف بينما دفن بقية الشهداء فى الطبقة الأرضية بجانبهم وقد أوصى رفيقهم عبدالله جاب الله بأن يدفن معهم فدفنه أولاده بجانبهم عندما توفى رحمهم الله جميعاً ورحم شهداء الوطن .
وهكذا كان المجاهدون أكرمهم الله بالجهاد فأكرموا موتاهم بالدفن. .
وأخيراً أود التنويه أنه لايمكن إخفاء الأسماء سواءَ للمجاهدين الأبطال أو المشايخ والأعيان الذين عملوا مع إيطاليا أو أى تابع آن ذاك ولا نقصد من ذلك الإساءة لأحد ولكن التاريخ أمانة يحاسب عليها الإنسان أمام خالقه ولا ننسى العبارة التى ذكرتها لسيدى عمر المختار فربما هذه العبارة تشفع للعديد من الذين نعنيهم ، المهم أن الشهداء أكرمهم الله تعالى بالشهادة وبالصيت الطيب والذكرى العطرة بينما حُرم منها أولئك الذين عملوا مع إيطاليا أو جاملوها من الثواب فى الدنيا والله أعلم بحالهم لأنه يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور.


Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 11
تاريخ التسجيل : 27/03/2010
العمر : 55

https://el7omry.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى